الكتاب: نقد الخطاب الدينى
المؤلف: د. نصر حامد أبو زيد
كان هذا الكتاب من أكثر الكتب اثارة للجدل من حيث ما ترتب عليه من ضجة و قضية تكفير المؤلف و التفريق بينه و بين زوجته الى اّخر هذا الهراء الذى حدث
الكتاب فى طبعته الثانية يقدم فى مقدمته بعض التقارير التى صدرت عن الكتاب خلال الأزمة ثم يرد عليها موجها نقدا لاذعا للخطاب الدينى متمثلا فى د. عبد الصبور شاهين الذى يبدو كان قد تزعم الجبهة المعادية للكتاب
أما الكتاب ذاته فقد تضمن أفكار جريئة و لكنها ليست جديدة تماما, فقط نجح المؤلف فى صياغتها و دراستها بشكل عميق و منمق بحيث طفت الى السطح كما طرح الكتاب بعض الأفكار الجديدة التى تبدو خطوة أخرى على نهج حاول البعض على استحياء الاشارة الية
فى الفصل الأول يناقش الكتاب أسس و اّليات الخطاب الدينى المعاصر وهى:
1- التوحيد بين الفكر و الدين: وهو ما يعنى ببساطة التوحيد بين التفسير الذى يضعه علماء الدين للنصوص الدينية و مفهوم هذه النصوص ذاته بحيث يبدو طرح أى مفهوم مخالف لما طرحه فكرهم الخاص يصنف ليس فى باب الاختلاف الفكرى بل فى باب الخروج عن الدين ذاته
2- اليقين الذهنى و الحسم الفكرى: هذه النقطة وثيقة الارتباط بما سبقها و هى عبارة عن امتلاك الخطاب الدينى لمواقف مسبقة من القضايا المختلفة يؤمن ايمانا كاملا بأنه الطرف المحق و عدا ذلك باطل, هنا يصبح النقاش عبثا و مبدأ امتلاك الحقيقة المطلقة هذا هو الذى يقود الى الظن أن تفسيرنا للدين هو التفسير الصحيح للدين بل هو الدين ذاته كما رأينا فى النقطة السابقة
3- اهدار البعد التاريخى: الكتاب هنا يشهد للخطاب الدينى بأنه يهتم بالبعد التاريخى فى بعض المواضع لكنه يرى أن هذا الاستخدام قاصرا على تفسير أسباب النزول و يرغب فى العبور من الأسباب الى جزئيتين هما المغزى و الدلالة و هو ما يقوم بمناقشته تفصيلا فى الفصل الثالث
4- الاعتماد على سلطة التراث: ينتقد هنا الكاتب أسلوب الخطاب الدينى فى اضفاء تبجيل زائد على علماد الدين الأوائل و جعل مخطوطاتهم مصدر للدين مع القراّن و السنة يرفضون فى كثير من الأحيان توجيه أى نقد لهم مرة بحجة أنهم أهل ثقة و دقه و مره بحجة عدم توفر ذات المصادر التى اعتمد عليها هؤلاء الرجال أو أنهم هم الذين شهدوا أزهى عصور الاسلام و أنقاه لذا فلابد أن فهمهم يتجاوز قدراتنا
هذا الطرح يصل فى العديد من الأحيان الى رغبة فى ادعاء العصمة للصحابة بحيث يبدون دائما على حق و أذكر مثال ورد فى سياق حديثى مع صديق عن موقعة صفين و عن الصحابة فى كلا الجانبين فأجابنى أحد تلامذة هذه المدرسة الفكرية بأن أحدهما صحيح و الاّخر أصح تجنبا لاتهام أحد الطرفين بأنه كان على خطأ من باب التنزيه!!
5- رد الظواهر الى مبدأ واحد: يطرح هنا الكاتب منهجين أحدهما يدعى أن كل ما يحدث انما هو بفعل الهى مباشر و الاّخر يدعى أن الله خلق العالم ثم تركه يدور وحده والكاتب هنا لا يساند المثال الثانى و يهاجم المثال الأول هجوما شديدا لما فى رأيه يترتب عنه من نفى الانسان كعنصر فاعل فى الدنيا و بتر علاقات السببية بين الحدث و الفاعل بحيث يصبح الفاعل الوحيد هو الله
و الكاتب هنا كما يفهم يطرح فكرالاله كمبدأ للفعل فى مقابل الاله كمصدر للفعل, فى الحالة الأولى يكون الاله هو الخالق الأول و تكون مخلوقاته فاعله بعضها على بعض فى شبكة معقدة متفرعة بشكل شجرى رأس الشجرة هو الفعل الالهى و ذلك فى مقابل الفعل الالهى كسبب وحيد بحيث يرتبط كل فعل بالفاعل الالهى مباشرة يتبعبما فى ذلك من اهدار للسببية و ما يترتب عليه من وضع الانسان فى وضع المفعول به دائما بما فى ذلك من اضفاء سلبية و عدمية تامة على حياة الانسان