Tuesday, March 14, 2006

!!!!سقطت سهوا!



"هذه العبّارة تمثل مصر كلها"

هكذا أنهى النائب رئيس لجنة التحقيق حواره علىقناة دريم و هكذا انتهى البرنامج.

نعم, تمثل مصر...

متهالكة مثلها.. حزينة و عجوز و قد حملت فوقها ثمانية طوابق على بدن ضعيف هش... تماما مثلما حملت مصر هموم و كوارث ينوء تحتها بدنها الهزيل.

نعم , تمثل مصر...

حملت فوقها أكثر من ألف مسافر من الشعب المصرى الذى تشتت فى أرجاء الأرض بحثا عن حياة كريمة
حملت الزوج و الزوجة و الأبناء و المتاع.. صور و جوازات سفر و أوراق حياة لأكثر من ألف مصرى

نعم , تمثل مصر...

تمثل عشوائية القرار و التنفيذ و ضعف الرقابة و الاهمال و انعدام المحاسبة و ازدواجية المعايير عندما ندعى مسؤولية القضاء و القدر فى الكوارث ثم نتغنى بانجازات سياساتنا الحكيمة!!

ثم أنظر الى الناس..

هذه هى الطبقة الفقيرة و المتوسطة التى تسعى كل الدول لخدمتها بصفتها أكثرية المجتمع... هذه العبارة كانت أكثرية المجتمع!!

نعم , مثلت هذه العبارة مصر... مثلت سمعة مصر التى تلوثت منذ فترة ليست بالقصيرة و صارت مرادفا للاهمال و الفساد و العبث بأرواح الناس

نعم , مثلت مصر... و قد غرقت!!!

هل غرقت مصر ؟؟؟ هل هى فى الماء تنتظر من ينتشلها مثل هذه الأم و ابنتها القتيلة بين يديها؟

هل غرقت فى صمت و لا نملك الا أن ندعوا الله أن يحسن مثواها الأخير فى قاع الأمم؟

أم هل تخطفتها القروش فى بحر سياسة المصالح و الأعمال و النهب مثلما حدث لأطفالنا فى المياه؟

أين مصر؟ أين ذهبوا بها؟؟؟؟

هل ضاعت منا أم أننا لم نمتلكها أصلا... كانت حلما بدولة ذات حضارة أفقنا منه على... عبارة تتلاعب بها الامواج فى قاع الماء؟

تعجبت لهذا الشعب يحتمل و يحتمل و لا يثور أو يتحرك... تعجبت عندما رأيت الناس يسعون خلف التعويضات فأى مال يعوض دم قريب قتيل؟؟؟

تعجبت حتى علمت حال الناس... ناس غرقت اّلام ذويهم القتلى فى بحر اّلام ذويهم الأحياء الذين فقدوا العائل.

"ما قبضناش حاجة... العيال ياكلوا طوب يعنى؟؟؟"

أنظر الى هذه الجملة.. كم هى مصرية و كم هى مؤلمة.. لهذا سعوا وراء سراب التعويضات.. الحى أبقى من الميت كما يقولون!!

أين مصر؟؟؟؟

مصر فقدت... بحثنا عنها فى كشوفات الدول المفقودة فلم نجدها.. قيل سقطت سهوا!!!

بحثنا عنها بين خرائط العالم فوجدنا قطعة أرض مساحتها مليون كيلومتر مربع فى قلب العالم و بها نهر و بحرين و ممر ملاحى... وجدناها كتب عليها..


أنا لله و انا اليه راجعون

Saturday, March 11, 2006

ارهاب النصوص


على مدار العصور و فى جميع الاديان تقريبا بلا استثناء احتكر علماء الدين تفسير النصوص المقدسة و كأن تفسيرها يتطلب عقل لاهوتى علوى لا يتناسب مع عقولنا البشرية!!!!

هذا الاحتكار ارتبط بارهاب فكرى فكلما ارتفع صوت ليعترض انتفض أحد هؤلاء الأشاوس ملوحا بأحد النصوص ليسكت هذا الصوت فارضا تفسيرا أحاديا على هذا النص و معارضا أي تدخل أو تأويل بدعوى عدم التخصص!!!

و انى هنا لأتسائل: هل لا يعرف الله الا المتخصصون؟ لماذا لم يخلقنا الله اذا رهبانا و خلق بشرا يعملون و يطمحون و يتزوجون و يخطئون؟؟

أثار هذا الموضوع فى ذهنى برنامج تلفزيونى تسابق فيه كل من رجل الدين المسلم و المسيحي للتشبث بنصوص جامدة و رفض أى محاولة للتفكير أو اعادة النظر فيما يملكون من تفاسيرحتى و لو بدا ما يتمسكون به صادما و ضارا لمصلحة البشر.

لأعوام كنت أكره مادة النصوص الدراسية بما فيها من تلقين و حفظ غبى!

Wednesday, March 01, 2006

المصرى

المصرى اذا غضب غضب فى صمت و اذا تذمر تذمر فى صبر

أوراق دامية


لم أعد أستطيع التحمل... أعصابى التالفة أصلا انهارت تماما و لم يعد لى من سبيل اّخر.

منذ أن فقدت أسرتى بضعة شهور مضت و لم أذق طعم الراحة...اننى حتى لا أدرى لماذا سعيت الى هذا التعويض المقيت الذى حصلت عليه بعد اجراءات بسيطة و كأنما هناك من يدفع دفعا لاغلاق هذا الملف!!

لم أودع التعويض الباهظ فى أحد البنوك بل عدت به الى المنزل, وضعته الى جوارى و جلست أنظر اليه شاردا.

هذه الكومة هناك... هذه الكومة هى زوجة محبة أخلصت لى حتى أخر دقائق عمرنا

كومة أخرى هى ابنة أثيرة أمضيت عمرا فى تنشئتها!!

و هذه...هذه طفل صغير لم يعرف قلبه بعد قسوة الدنيا و ظلمها.

أفكارهم, اّمالهم, أحلامهم و أحلامى فيهه صارت أوراق و رزم حولى!

لم يكن هذا ما دمر أعصابى, حياتنا علمتنا الصبر و الاحتمال و علمتنا أن نجتر العذاب فى صمت و أنا احتملت و ابتلعت اّلامى حتى اّخر قطرة.

ابتلعتها حتى كانت العودة...

كانت البداية عندما رأيت زوجتى على أحد رزم النقود... رأيتها تنظر لى فى لوم و عتاب
"هانت عليك العشرة بالسهولة دى؟"

علمت أنى واهم و أنكرت ما أراه أمامى... أيام مضت قبل أن أرى ابنتى أيضا!

كانت أمامى على أوراق النقد: "بابا..بابا.. الحقنى!!"

كانت تغرق و أنا عاجز عن مد يد العون لها.. كانت تنادينى!

رايت طفلى تتلقفه الامواج و الاسماك.. صارت النقود شاشة عذاب تطاردنى فيها عائلة كاملة و تلقى على باللوم و العتاب... نقودى... عائلتى!!!

اليوم لم أعد أستطيع التحمل.

استأجرت هذا القارب بمالى الخاص و ها أنا به فى عرض البحر مرة اخرى و معى أسرتى... الجديدة!

فى ليل بلا نجوم ألقيت بأسرتى النقدية فى مياه البحر فردا فردا.

نظرت اليهم يغرقون بالتدريج... ثوان مضت قبل أن ألحق بهم فى صمت.

تأرجح القارب فى صمت بينما أجتمعت الاسرة ثانية فى مكان واحد.